بقلم الناقدة السينمائية: حمادوش حورية
يقدم المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق في مسلسله الرمضاني رقوج مشروعًا فنيًا مبتكرًا، يمزج فيه بين الخيال والفانتازيا ليعرض قضايا اجتماعية وسياسية تتجاوز السائد في الدراما التونسية. من خلال خلق عالم متخيل بعنوان “رقوج”، الذي يمكن أن يُعتبر تمثيلًا مجازيًا للواقع التونسي، يسبر بوشناق أغوار معاناة المواطن التونسي في مواجهة الفساد الإداري، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
في موسمه الأول، يسلط الضوء على الصراع المستمر بين الخير والشر، ويطرح من خلال الشخصيات والتفاعلات بينهما تساؤلات حول المفاهيم المجتمعية السائدة. بينما الموسم الثاني للمسلسل في رمضان 2025 حمل عنوان رقوج – الكنز، حيث من المتوقع أن يتصاعد الصراع حول “الكنز” كمحور أساسي للجذب والتوتر في الأحداث.

البنية السردية بين الفانتازيا والطرح الاجتماعي:
يستلهم “رقوج” أحداثه من بلدة خيالية تحمل الاسم ذاته، وهو اسم معكوس لقرية “جوقار”، حيث جرى تصوير المسلسل. يستعين السرد الدرامي بالعوالم الفانتازية ليس فقط لتقديم تجربة بصرية متفردة، بل أيضًا لطرح قضايا مجتمعية وسياسية معقدة من منظور مختلف، يوظّف الرمزية والمجاز لإيصال رسائله.
ما يميز السيناريو هو أنه لم يقع في فخ الاستعراض البصري على حساب المضمون، بل عمل على تشكيل شخصيات ذات عمق نفسي، تعكس اضطرابات وتناقضات المجتمع التونسي في ظل التحولات socio-politique. رغم البعد الخيالي، فإن البناء الدرامي لم يحد عن واقعية التلقي، ما جعل الأحداث قريبة من وجدان المشاهد.

المعالجة الدرامية والدلالات الرمزية:
تستند المعالجة الدرامية في “رقوج” إلى استراتيجية المزج بين الواقع والخيال، بحيث تتحول الفانتازيا إلى أداة تحليلية تسلط الضوء على قضايا سياسية واجتماعية دون مباشرة أو خطابية. عمد عبد الحميد بوشناق إلى توظيف الرمز والتلميح من خلال لغة بصرية معقدة، تعكس الحالات النفسية العميقة للشخصيات.
الديكورات، الإضاءة، وتوظيف الألوان لعبت دورًا رئيسيًا في تجسيد التحولات النفسية والصراعات الداخلية للأبطال. على سبيل المثال، ظهور الكنز في الموسم الثاني لم يكن مجرد عنصر درامي، بل رمزًا للطمع البشري وتحولات القيم في المجتمعات الاستهلاكية.

مقاربات النقد التلفزيوني:
تفاوتت قراءات النقاد لمسلسل “رقوج”، حيث رأى بعضهم أنه تجربة فريدة تكرس توجّهًا جديدًا في الدراما العربية، بينما انتقد آخرون بعض الجوانب السردية التي اعتُبرت معقدة أكثر مما ينبغي.
- نقاط القوة:
- توظيف الفانتازيا بشكل إبداعي لإيصال رسائل اجتماعية وسياسية.
- أداء تمثيلي متقن، خاصة من ياسمين الديماسي التي قدمت أداءً بارزًا.
- إخراج متميز يعكس قدرة على بناء عالم درامي متكامل بصريًا.
- نقاط الضعف:
- الرمزية الكثيفة التي جعلت بعض المشاهد عسيرة الفهم على الجمهور العريض.
- تفاوت في مستوى الأداء التمثيلي بين الشخصيات الثانوية والرئيسية.
- بعض الحلقات افتقرت إلى ديناميكية السرد، ما أثر على وتيرة الأحداث.
إجمالًا، يعد “رقوج” عملاً دراميًا متكاملًا، إلا أنه ليس موجّهًا للمشاهد العادي، بل يتطلب جمهورًا يمتلك القدرة على فك شيفراته الرمزية واستيعاب أبعاده الفلسفية.
الأداء التمثيلي: بين الإبداع والمبالغة
شهد المسلسل تفاوتًا في مستوى الأداء التمثيلي، حيث برزت ياسمين الديماسي بأداء قوي ومتقن، مما منح شخصيتها عمقًا دراميًا مميزًا. كذلك، قدم المخرج أدوارًا ثانوية ذات تأثير كبير في تصاعد الأحداث. غير أن بعض الشخصيات الأخرى سقطت في فخ الأداء المسرحي المبالغ فيه، ما أفقد بعض المشاهد مصداقيتها.

بطولة :(في الموسم الثاني)
- عزيز الجبالي
- بحري رحالي
- وليد عيادي
- محمد صابر وسلاتي
- ياسمين الديماسي
- فاطمة صفر
- هالة عياد
- أميرة شبلي
- فاطمة بن سعيدان
- محمد شوقي خوجة
- عاصم بالتوهامي
- منصف ععجنقي
- زياد عيادي
- محمود السعيدي
- ريم عياد
- جهاد الشارني
- ربيع ابراهيم
- عصام عبسي
- محمد سويسي
- KAFON
- رمزي سليم
- ابراهيم حسني
- مهدي مزاح
- عصام العياري
- جميلة الجامي
- الياس الرياحي
- حكيم مرابط
- لمين حمزاوي
تميز هؤلاء الممثلون بأدائهم الذي ساهم في إبراز الهوية الفنية للمسلسل، حيث لعب كل منهم دورًا في تشكيل معالم البلدة الخيالية “رقوج” وسرد الأحداث المتشابكة.

















التقنيات الإخراجية: توازن بين البصري والسردي
يُحسب للمخرج عبد الحميد بوشناق خلق عالم بصري متماسك، حيث ساهمت الديكورات، الإضاءة، والموسيقى التصويرية في إضفاء أجواء غرائبية تتناغم مع طبيعة الحكاية. كان توظيف زوايا الكاميرا مدروسًا، خاصة في المشاهد التي تتطلب التركيز على البعد النفسي للشخصيات.
لكن، رغم الجودة الإخراجية، عانى المسلسل أحيانًا من بطء في الإيقاع، ما انعكس على تفاعل المشاهد مع تصاعد الأحداث. بعض المشاهد امتدت أكثر مما ينبغي، مما أثر على انسجام السرد البصري مع البناء الدرامي.

التحليل المشهدي للموسم الثاني من “رقوج”:
في الموسم الثاني من “رقوج”, يظهر التحسين الواضح في التقنيات البصرية والتصويرية مقارنة بالموسم الأول. ظل المخرج عبد الحميد بوشناق محافظًا على أسلوبه البصري المميز، ولكنّه عمد إلى تطوير بعض العناصر التقنية التي أثرت في طريقة توصيل الرسائل الدرامية.
التقنيات البصرية والإضاءة:
من خلال تحليلي المشهدي للموسم الثاني، يمكن ملاحظة الاستخدام المتقن للإضاءة في مشاهد الليل، التي أضفت أجواءً مشحونة بالدراما والرمزية. الإضاءة الداكنة والخافتة تُستخدم بشكل مكثف لتعكس الصراعات الداخلية للشخصيات، مما يضفي على المشهد عمقًا فلسفيًا. من جهة أخرى، في مشاهد النهار، يظهر استخدام الضوء الطبيعي في تصوير المناظر الطبيعية، مما يعكس التوتر بين الواقع والخيال في المسلسل.
التصوير وتوظيف الزوايا:
استمر استخدام زوايا التصوير غير التقليدية في الموسم الثاني، لكنها أصبحت أكثر تنوعًا وتطورًا. لا سيما في المشاهد التي تم تصويرها من زوايا منخفضة ومرتفعة بشكل متعمد، لتسليط الضوء على الاختلافات الطبقية والصراعات في بلدة “رقوج”. هذه الزوايا، التي تبرز في مشهد اكتشاف الكنز، تحمل دلالات رمزية تتعلق بالجشع والطمع.

المقارنة بين الموسم الأول والموسم الثاني:
المعالجة المشهدية:
- الموسم الأول:
في الموسم الأول، كان التصوير أكثر اعتمادًا على الإضاءة الطبيعية والبسيطة. تم استخدام الزوايا التقليدية في التصوير، مما جعله يميل إلى الواقعية أكثر من الخيال. كانت المشاهد أكثر هدوءًا، وهو ما يعكس الطابع البسيط للبلدة الخيالية.
كانت الإضاءة في الموسم الأول تقتصر على إضاءة واضحة لتحديد معالم الشخصيات والمكان، إلا أن الموسم الأول لم يُظهر نفس التعقيد في تصوير التوترات الداخلية للمشاهدين. - الموسم الثاني:
في المقابل، تم في الموسم الثاني تطوير أسلوب التصوير بشكل ملحوظ، حيث تميز المشهد بالعمق البصري واستخدام الإضاءة الرمزية بشكل مكثف. الزوايا المائلة والتغيرات في الضوء ساعدت على تعزيز الأجواء الغامضة التي ترافق صراع الشخصيات. هذه التقنية التقطت بذكاء من خلال فترات التوتر التي تتصاعد مع كشف الكنز، مما يعكس تأثير الطمع على النفس البشرية.
العناصر الرمزية والإسقاطات البصرية:
- الموسم الأول:
اعتمد الموسم الأول على الرمزية بشكل غير معقد. الرموز كانت بسيطة، مثل استخدام اللون الأزرق للمشاهد التي تعكس الهدوء أو اللون الأحمر في مشاهد الصراع. لكن التعمق في الرمزية كان محدودًا، حيث كان يقتصر على تمثيل الأحداث الاجتماعية من خلال نظرة قريبة للشخصيات وأفعالهم. - الموسم الثاني:
الموسم الثاني، بالمقابل، تناول الرمزية بعمق أكبر. الكنز في هذا الموسم لا يُعتبر فقط عنصرًا دراميًا، بل تم تصويره كرمز للفساد والجشع البشري. تم تعزيز هذه الرمزية من خلال الإضاءة القوية والتصوير المائل، مما يعكس التشويش الداخلي والصراع داخل البلدة.




التأثيرات السردية والاجتماعية لمسلسل رقوج:
بالمقارنة بين الموسمين، يتضح أن الموسم الثاني قدّم تطورًا ملحوظًا في المعالجة المشهدية. بينما كان الموسم الأول يركز على أسلوب بسيط نسبيًا في التصوير والإضاءة، اتجه الموسم الثاني إلى استخدام تقنيات تصويرية أكثر تعقيدًا ورمزية. هذا التطور يُظهر تطورًا في أسلوب بوشناق الذي يُظهر اهتمامًا أكبر بتعبيراته البصرية لتحقيق تفاعل أعمق مع المشاهدين.
على الرغم من الجوانب الفلسفية والرمزية المكثفة في الموسم الثاني، يبقى له طابع مغاير عن الموسم الأول، الذي كان أقرب إلى الفكرة الواقعية الملموسة، حيث يعتمد في التناول على عمق التوترات الداخلية بشكل أقل.
الأسلوب الفني لمسلسل “رقوج”:
يُعتبر مسلسل “رقوج” عملًا فنيًا ينتمي إلى الدراما الفانتازية الاجتماعية، حيث يُدمج الخيال بالواقع الاجتماعي والسياسي، مما يُحيلنا إلى أساليب فنية متنوعة في السرد والإخراج. تَستخدم هذه الأعمال الرمزية و السريالية في تطرُقها للقضايا المجتمعية بشكل عميق، مما يجعل العمل يلتقي مع بعض المدارس الفنية العالمية. يمكن القول إن المسلسل استلهم أسلوبه الفني من عدد من المدارس الفنية العالمية مثل:
- السريالية (Surrealism)
تأثرت معالجة المسلسل الفنية بجماليات السريالية التي ظهرت في بدايات القرن العشرين، وخاصة في الأعمال التي جمعت بين الخيال والواقع. في السريالية، يتم استخدام الرمزية والجمع بين المفاهيم الغريبة والأحداث اليومية لخلق عالم موازٍ.- دعم فكري: يمكننا الاستشهاد بفنانين مثل سلفادور دالي و رينيه ماغريت، الذين قدّموا أعمالًا تجمع بين الواقع والخيال بطرق صادمة ورمزية.
- التطبيق في المسلسل: تم استخدام هذا الأسلوب في “رقوج” من خلال الجمع بين الواقع التونسي المعيش وأحداث خيالية، مثل اكتشاف الكنز، ليُظهر تأثيرات الجشع والفساد في المجتمع، وذلك عبر تقنيات السريالية في الإضاءة والتصوير.
- الواقعية السحرية (Magical Realism)
هي مدرسة فنية تُدمج بين العناصر الواقعية والعناصر الخيالية بطريقة تُظهر أن الخيال يمكن أن يتداخل بسهولة مع الواقع المعاش.- دعم فكري: أديب مثل غابرييل غارسيا ماركيز في روايته “مئة عام من العزلة” يعتبر من أبرز من استخدم هذا الأسلوب، حيث تصبح عناصر الحياة اليومية مشبعة بعناصر خيالية أو سحرية.
- التطبيق في المسلسل: يستخدم مسلسل “رقوج” هذه المدرسة الفنية عبر تقديم بلدة خيالية في وسط الواقع، حيث تؤثر الأحداث الخيالية، مثل ظهور الكنز الغامض، في حياة الشخصيات بشكل ملموس يعكس القضايا الاجتماعية.
- الرمزية (Symbolism)
يُعد العمل مشبعًا بالرمزية التي تتعامل مع التصوير السينمائي وتقديم المواقف المعقدة عن طريق الرمز والتلميح أكثر من خلال التصريح. في “رقوج”, كانت الرمزية هي أحد الأدوات الأساسية المستخدمة في تطور الشخصيات.- دعم فكري: يمكن الاستشهاد بـ جان كوكتو و فرانسيس بيكون اللذين استخدما الرمزية لتفسير الوجود الإنساني وصراعاته.
- التطبيق في المسلسل: مثل ظهور الكنز كرمز للفساد والجشع، واستخدام الإضاءة الزرقاء والرمادية لإظهار الصراعات النفسية داخل الشخصيات، مما يُعزّز الطابع الفلسفي للعمل.
التأثيرات الفنية الكبرى في العمل:
- السينما السوسيولوجية
تنتمي “رقوج” إلى ما يُمكن تسميته السينما السوسيولوجية، حيث يُعالج المسلسل قضايا مجتمعية مثل الفساد، الجشع، والبيروقراطية، ويُظهر تأثير هذه القضايا على الأفراد داخل المجتمع.- دعم فكري: نستطيع الإشارة إلى أعمال جان لوك غودار و أورسون ويلز في أفلامهم التي تتناول قضايا اجتماعية بزاوية فنية مبتكرة، مثل فيلم “Citizen Kane” الذي يعكس تأثير الثروة على الإنسان.
- التطبيق في المسلسل: من خلال تصوير البلدة الخيالية “رقوج” وصراع الشخصيات حول الكنز، يتناول المسلسل هذه القضايا بشكل متقن عبر خلفيات رمزية.
- الدراما الرمزية
الدراما الرمزية هي نوع من الدراما الذي يركز على الكشف عن المعاني الداخلية للعلاقات الإنسانية والأحداث عبر الرموز والصور المجازية.- دعم فكري: يعتبر أنطوان أرنو و إدوارد ألبي من بين الرواد في الدراما الرمزية حيث قاموا بدمج المعاني العميقة بين الكلمات والحركة.
- التطبيق في المسلسل: تم استخدام الرمزية لإظهار التطور الداخلي للشخصيات من خلال العناصر البصرية التي تعكس التحولات النفسية، مثل الإضاءة الداكنة التي تعكس تدهور الشخصيات بفعل الطمع والجشع.

الأسلوب البصري والإخراج:
تميزًا جدًا، فقد تم المزج بين الفانتازيا و الواقعية بشكل يُحاكي بعض الأساليب السينمائية التي اعتمدت على الخيال المفرط مع تداخل الواقع، وهو ما يمكن أن يُشبه أسلوب الفيلم نوار (Film Noir) في تصويره للظلال والمفاهيم المظلمة، من ناحية أخرى، استخدام المخرج عبد الحميد بوشناق لمفهوم السريالية في الديكور والإضاءة يضع المسلسل ضمن دائرة الفن السابع المبدع الذي يمتلك قدرة على تمييز العناصر البصرية لتقديم الواقع بشكل غير تقليدي.
من خلال هذه الأدوات الفنية، يتضح أن مسلسل “رقوج” ليس مجرد عمل درامي، بل هو تجربة فنية تجمع بين مدارس متعددة من الفن السينمائي والدرامي. تأثره بالسريالية و الواقعية السحرية و الرمزية يخلق تفاعلًا عميقًا بين الجمهور والشخصيات والأحداث. هذا التمازج بين الخيال والواقع جعل من “رقوج” عملًا مُبدعًا يستحق الدراسة من منظور أكاديمي واحترافي.
الفكرة الرئيسية :
- الموسم الأول: تمحور حول فكرة “المرمة”، التي هي عملية بناء مدرسة في المنطقة المتخيلة “رقوج”، وهي عبارة عن نموذج مصغّر للوطن. المسلسل تناول القضايا الاجتماعية والسياسية بتقنية الفانتازيا، حيث يتصادم الخير والشر، ويُظهر معاناة المواطن مع الإدارة، الفساد، وتأثيره على الحياة اليومية.
- الموسم الثاني: يحمل عنوان “الكنز”، حيث يتمحور حول وجود كنز في “رقوج”، وهو ما سيؤدي إلى صراع كبير بين الأطراف الشريرة التي تسعى للاستفادة منه. الفكرة الجديدة تُظهر تطوراً في الحبكة عبر التركيز على أطماع المفسدين والمحتالين.
التقنيات السردية والأسلوب الفني:
- الموسم الأول: استُخدمت الفانتازيا والسخرية كأسلوب رئيسي في تقديم القضايا الاجتماعية والسياسية. تم تسليط الضوء على معاناة المواطنين بأسلوب غير تقليدي، حيث اعتمد المخرج عبد الحميد بوشناق على خيال واسع وأسلوب كوميدي أسود لتفكيك الواقع.
- الموسم الثاني: يتواصل استخدام الفانتازيا، لكن مع إضافة المزيد من التوترات والصراعات على “الكنز”، مما يعكس تغيّراً في توازن القوة بين الشخصيات. كما يُحتفظ بالكوميديا السوداء والساخرة ولكن مع تطور في تعقيد الأحداث والعلاقات بين الشخصيات.
الموضوعات المطروحة:
- الموسم الأول: تناول المسلسل القضايا المجتمعية مثل تقصير الموظفين في أداء واجباتهم، فساد الإدارة، ومعاناة المواطن التونسي مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى تمثيل معاناة النساء والفئات المهمشة.
- الموسم الثاني: تواصل تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، لكن يتم التركيز بشكل أكبر على الصراع بين الأطراف الطامعة في “الكنز”، مما يعكس التنافس الشديد بين الأشرار في سعيهم للسيطرة.
الشخصيات والعلاقات:
- الموسم الأول: كانت الشخصيات متعددة الأبعاد، ومنها شخصية رئيس البلدية الذي يمثل الفساد، والشخصيات النسائية التي تواجه التمييز والعنف الرمزي. كما كانت هناك إشارات إلى فساد الإعلام من خلال شخصية الصحفية “روزا”.
- الموسم الثاني: سيتم تطوير هذه الشخصيات في سياق جديد، حيث سيكون الصراع أكبر، وسيتم التركيز على التناقضات بين الأخيار والأشرار. يظل التركيز على الشخصيات النسائية مستمراً، مع تصوير معاناتهن بشكل واقعي وساخر.
الموسيقى والرقص المسرحي:
- الموسم الأول: تم دمج الموسيقى المميزة مع الرقصة المسرحية، مما أضاف عنصرًا فنيًا مميزًا للعمل.
- الموسم الثاني: هذا العنصر سيستمر و يزداد في الموسم الثاني، مع تعميق العلاقة بين الموسيقى والرقص في سياق الأحداث المشوقة.
التغيير العام بين الموسمين:
- في الموسم الأول، التركيز الأكبر هو تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية والسياسية بشكل مباشر، في حين أن الموسم الثاني يركز على تطوير الفكرة من خلال إدخال صراع جديد حول الكنز، مما يرفع من درجة التوتر الدرامي. بوشناق يواصل استخدام الفانتازيا والخيال، ولكن بتركيز أكبر على تطور الصراعات بين الشخصيات.

الأبعاد الفكرية والجدل المجتمعي:
لم يكتف “رقوج” بكونه عملًا ترفيهيًا، بل سعى إلى تقديم طرح فلسفي يعكس التحولات الاجتماعية والسياسية. لكن في بعض المحطات، بدا وكأنه يحمّل المشاهد أكثر مما يحتمل، خاصة مع الرمزية المكثفة التي قد تعيق استيعاب البعض لطروحاته العميقة.
هذا الجدل عزز من مكانة المسلسل كمادة قابلة للنقاش الأكاديمي، حيث يمكن تحليله من زوايا متعددة، سواء من منظور النقد السيميولوجي أو التحليل الاجتماعي للدراما.
التقييم النهائي: عمل نوعي بعمق فلسفي
يُعتبر “رقوج” تجربة درامية رائدة في المشهد التلفزيوني التونسي، إذ نجح في تقديم رؤية إخراجية مغايرة، قائمة على توظيف الفانتازيا كأداة تحليلية للمجتمع. ورغم بعض الإشكاليات السردية والإيقاعية، إلا أنه يبقى عملًا مميزًا يستحق المشاهدة، خاصة لمن يهوى الدراما التي تمزج بين التجريب والنقد الاجتماعي.
التقييم النهائي: 8.5/10